ما هو التضخم وما هي أسبابه؟

ما هو التضخم وماهي أسبابه؟

تعمل الدول بشكل دوري على قياس مؤشر التضخم للأسعار لأهميته في قياس الصحة الاقتصادية . وقد نرى ونقرأ كأفراد النسب المعلنة للارتفاع في تضخم الأسعار ولا تتوفر لدينا المعلومات الكافية لمعرفة المعنى الحقيقي لهذا المؤشر والأسباب التي تؤدي له والأثر الذي سيترتب عليه على اقتصاد الدول بشكل عام وعلينا كأفراد بشكل خاص. لذلك سنتعرف معاً على أهم المعلومات المتعلقة بمفهوم تضخم الأسعار.

ما معنى تضخم الأسعار؟

المعنى المبسط لتضخم الأسعار هو الارتفاع النسبي في أسعار سلة محددة من السلع والخدمات التي يتم قياس أسعارها بين فترة وأخرى. يؤدي هذا الارتفاع إلى انخفاض القوة الشرائية للمال الذي لديك وعدم قدرتك على شراء نفس السلة من السلع أو الخدمات بنفس السعر السابق. فإذا كان تسوقك الشهري للطعام والشراب يكلفك 500 دولارعلى سبيل المثال، فإنه بعد تضخم الأسعار بنسبة 6% مثلاً، فإن المبلغ اللازم لشراء نفس القائمة للتسوق سيصبح 530 دولاراً. ومع ارتفاع نسب التضخم وثبات الدخل الشهري للأفراد فإن قدرتهم على تغطية مصاريفهم الشهرية تصبح أقل.

لكن ما الذي يؤدي إلى ارتفاع هذه الأسعار؟

يوجد العديد من الأسباب الاقتصادية والسياسية والبيئية التي تؤدي إلى التضخم في الأسعار سنذكر الأهم منها وبشكل مبسط:

  1. الارتفاع في الطلب : إن الارتفاع في الطلب هو من أهم العوامل الاقتصادية التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، فكما زاد الطلب ولم تتوفر كميات معروضة ومتاحة مقابل هذا الطلب، فإن الأسعار سترتفع .

ومن أحد الأمثلة على ذلك والتي نشهدها في وقتنا الحالي هي ارتفاع الطلب على الشرائح  الالكترونية الدقيقة (Micro Chips) والتي تدخل في كافة الصناعات التقنية مثل أحهزة الحاسوب  والهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة الكهربائية المختلفة، والتي قابلها انخفاض في العرض بسبب التعطيل الذي حصل في انتاج هذه الشرائح خلال الأزمة الصحية الأخيرة بسبب توقف الأعمال والإغلاقات التامة التي حصلت لفترة من الزمن . كذلك ارتفع الطلب بسبب الانتقال المكثف والمفاجئ للعمل والتعليم عن بعد والذي تطلب الحصول على أجهزة الحاسوب أو التابليت وبأعداد ضخمة والتي تتطلب هذه الشرائح لتصنيعها. كل ذلك  أدى إلى ارتفاع أسعار الأحهزة الالكترونية والسيارات بشكل كبير خلال الفترة الماضية. 

  1. الارتفاع في تكاليف الأسعار والخدمات المقدمة: إن أحد العوامل المهمة التي تساهم في التضخم هو ارتفاع أسعار المواد الخام والتكاليف الأخرى المرتبطة بتصنيع المنتج وإيصاله للمستهلك، وبالتالي رفع السعر الذي تدفعه مقابل هذا المنتج.

وتعود الأسباب لارتفاع التكاليف في الأساس إلى عوامل متعددة مثل، ارتفاع تكاليف الوقود على مستوى العالم ، أو ارتفاع تكاليف المواد الخام مثل القمح والتي تعود إلى أسباب مرتبطة بازدياد الطلب على هذه المواد وقلة المعروض منها. كذلك ارتفاع مصاريف النقل والمرتبطة بسلاسل التوريد ( Supply Chain) والذي تساهم بشكل كبير وجوهري في  رفع الأسعار.

  1. الارتفاع في السيولة التقدية المتاحة: إن الارتفاع في كمية النقد المتاحة في الأسواق وبين الأفراد سيؤدي إلى رفع الأسعار. أن هذا العامل مرتبط وبشكل كبير بعامل الزيادة على الطلب . فكلما زادت السيولة ارتفع الطلب على المنتجات والخدمات .وقد تعود أسباب ارتفاع السيولة النقدية المتاحة إلى رفع مستويات الرواتب المدفوعة، أواتخفاض نسبة الفوائد على القروض وبالتالي سهولة أخذها والتصرف فيها وزيادة النقد المتاح في الاسواق.
  2. العوامل السياسية المختلفة : مثل الحروب والحصارات الاقتصادية التي تؤثر على كميات العرض المتاحة وبالتالي ارتفاع كبير في الأسعار.
  3. العوامل البيئية المختلفة: مثل تأثر الدول بكوارث طبيعية تؤثر على الإنتاج للمواد الخام اللازمة للعديد من الصناعات للمنتجات الاستهلاكية.

 

لكن كيف يتم معالجة التضخم والتعامل معه؟

تلعب الدول والحكومات دوراً أساسياً  في التحكم بنسب التضخم من خلال العمل على تعديل السياسة المالية للدول، مثل التحكم في أسعار الفوائد  و سياسات خفض الانفاق و فرض القيود على التجار بعدم رفع الأسعار وبشكل عشوائي ودون وجود أسباب مبررة لذلك وغيرها من السياسات التي تفرضها الدول.

وكأفراد يجب أن نعمل على التعامل مع التضخم في الأسعار الذي نواجهه من خلال العمل على مراجعة أوجه الصرف المختلفة للدخل والعمل على إعادة أولويات الصرف بما يتواءم مع أهدافنا ومع الدخل المتاح الحالي. كذلك يجب أن نعمل دائماً على البحث عن مصادر دخل إضافية تساعدنا في مواجهة التحديات في الأسعار المرتفعة .

الخلاصة:

إن التضخم في الأسعار أمر حتمي في معظم الحالات ولا يمكننا السيطرة عليه كأفراد، لذلك يجب أن يكون لدينا الوعي الكافي للتعامل معه والعمل على مراقبة مصاريفنا ومراجعتها بشكل دوري، والبحث دائماً عن البدائل المتاحة بتكاليف أقل، كذلك توجيه الصرف بشكل واعي نحو ما يتواءم مع أولوياتنا وأهدافنا المالية.

حنان محمود - ويلث أند مور